بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الثالث :- الفتن
الحمدُ لله رب العالمين و الصلاة و السلام على النبي الكريم صلوا عليه وسلموا تسليما :-
كان النبيُ صلى الله عليه وسلم جالساً عند أصحابه ذاتَ يومٍ فرسم إي خط لهم خطاً مستقيماً ثم تلا قوله جل وعلا وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله 0
إي أن طريق التوحيد طريقٌ واضحٌ لا اعوجاج فيه وكذلك طريق الشر بل وخير الله الإنسان من أي الطريق يمشي ويسلك فقال جل وعلا وهديناه النجدين إي بينا له الطريقين فإن إختار الإنسان طريق الخير جعل الله مثواه الجنة وإن إتخد الإنسان طريق الشر جعل الله مثواه النار قال العزيزُ الغفار( فمن يعمل مثقال ذرةٍ خير يره *ومن يعمل مثقال درا شر يره)0(قل كلٌ يعملُ علي شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا).
عن حذيفة بن اليمان كما في صحيح مسلم قال كنا عند عمربن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه فقال لنا أيكم سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرُ الفتن فقال قوم أي الصحابة نحنُ سمعناه قال لعلكم تعنون َفتنةَ الرجلِ في أهله وجاره قالوا نعم قال عمر فتلك تكفرها الصلاةُ والصيامُ والصدقة ولكن أيكم سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرُ الفتن التي تموجُ كموجِ البحر قال حذيفة فأسكت القوم فقلت أنا قال أنت لله أبوك قال حذيفة سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول "تعرضُ الفتن علي القلوب كعرضِِِِ الحصير عوداً عودا فأيُ قلبٍ أُشربها نكتت في قلبه نكتةٌ سوداء وأيُ قلبٍ أنكرها نكتت في قلبه نكتةٌ بيضاء حتى تصيرَ القلوبُ علي قلبين قلبٌ أبيض مثل الصفا لا تضره فتنةٌ ما دامت السماواتِ والأرض وقلبٌ أسود مرباداً كالكوزِ مجخيا لا يعرفُ معروفاً ولا ينكرُ منكراً ألا ما أُشربَ من هواه "0
والقلوبُ عبادَ الله أربعة :-
1- قلبٌ أجرد فيه سراج مزهر فذلك قلبُ المؤمن
2- وقلبٌ أغلف فذلك قلبُ الكافر
3- وقلبٌ منكوس عرفَ ثم أنكر وأبصر ثم عمي فذلك قلبُ المنافق
4- وقلبٌ تمده مادتان مادةُ إيمان ومادةُ نفاق وهو لما غلب عليه منهما فإن غلبت موادُ الإيمانِ علي القلبِ أصبح القلبُ قلبَ مؤمن وإن غلبت موادُ النفاقِ علي القلبِ أصبح القلبُ قلبَ منافق ولا حول ولا قوة إلا بالله0
كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يكثرُ من الدعاء" يا مقلبَ القلوب ثبت قلبي علي دينك" النبيُّ صلى الله عليه وسلم يطلبُ التثبيت لقلبه من عند ربه جل وعلا نعم قال تعالي " ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئاً قليلا " فإذا كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يطلبُ التثبيت فما الظنُ بي وما الظن بكم وما الظن بنا جميعاً 0
تسمعُ أُم سلمةَ رضيَّ الله عنها رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يكثرُ من هذا الدعاء فتقولُ يا رسولَ الله أَوئن القلوبَ لتتقلب فيقولُ" نعم ما من قلبٍ من قلوبِ بنيَّ آدم إلا وهو بين أُصبعينِ من أصبع الله عز وجل" أُصبعينِ من أصبع الله فكلُ ما خطرَ ببالكَ فاللهُ خلافُ ذلك " ليس كمثله شيءٌ وهو السميعُ البصير " فيقولُ نعم ما من قلبٍ من قلوبِ بنيَّ آدم إلا وهو بين أُصبعينِ من أصبع الله عز وجل كقلبٍ واحد إن شاء اللهُ أقامه" أيّ ثبته "أو إن شاء الله أزاغه
" ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب "0
وروي البخاريّ ومسلم أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم استيقظ يوماً عند أُم سلمة رضي الله عنها فزعاً وهو يقول" سبحان الله ماذا أنزل الله من الخزائن ماذا أنزل الله من الفتن من يوقظُ صواحب الحجراتِ لكي يصلين رب كاسيةٍ في الدنيا عاريةٍ في الآخرة" 0
لا إله إلا الله إنها الفتن من سنن الله عز وجل في الكون قال تعالي " الم أحسب الناسُ أيّ يقولوا آمنا وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن اللهُ الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين"0
الدنيا كلها منطقةُ إبتلاءٍ ودارَ إختبار قال العزيزُ الغفار " إنا جعلنا ما علي الأرضِ زينةَ لها لنبلوهم أيهم أحسنُ عملاً* وإنا لجاعلونَ ما عليها صعيداً جرزاً)0
وقال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحينِ من حديث عمرو بن عوف الأنصاري" واللهِ " يقسمُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم وهو الصادقُ المصدوقِ الذي لا يحتاجُ إلي قسم يقسم لكيّ يلفتُ الأنظارَ إلي خطر المقسم عليه "والله ما الفقرَ أخشي ولكن أخشي أن تبسطَ عليكمُ الدنيا كما بسطت علي من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم " 0
يجبُ علينا عباد اللهِ أن لا نكونَ من الذين استحوذَ عليهمُ الشيطانَ فأنساهم ذكر الله " الذين آمنوا وتطمئنُ قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئنُ القلوب" 0